نظريات السلام
هارالد موللر
ترتكز “نظريات السلام “غالبا على بنية أساسية مثلثة القواعد. تتمثل القاعدة الأولى في تطور مفهوم السلام. وتبرز الثانية في تحليل “أسباب السلام”، أي في دراسة العوامل التكوينية والسببية التي يرتبط بها صنع السلام والحفاظ عليه. أما القاعدة الثالثة فتقوم على علم تطبيق السلام، أي تحديد خيارات العمل واستراتيجياته التي من شأنها أن تؤثر في العوامل المشار إليها، وأن تتجسد بالتالي بشكل يتوافق وينسجم معها.
يقتصر هذا البحث على تحليل الجانبين الأولين، أي المفهوم والأسباب، قبل أن يتطرق في القسم الأخير إلى المسائل التطبيقية، علما أن علم التطبيق أو مايسمى بعلم الأداء (أي العلم الذي يدرس الطرق التي تتيح الوصول إلى نتائج عملية)، ينبثق من هاتين القاعدتين. فلا بد اذا، ومنذ البداية، أن يدرك جيدا ماهو الهدف، وفي أي حال أو إطار يبرز هذا الهدف، قبل التمكن من تقرير كيفية التأثير على هذه الحالة أو تلك، سعيا إلى بلوغ الغاية المنشودة. من هذا المنطلق تعطى الأولوية من الناحية النظرية لمفهوم السلام ولدوافعه.
تكمن نقطة الانطلاق في كيفية “تحليل الوضع”، وفقا لما أبرزه “لوثار بروك” في بحث نشره عام 1990. كما ستؤخذ بعين الاعتبار في هذه الدراسة الأبحاث الأخرى التي نشرت عن “نظريات السلام”، اذا كانت مفيدة. كذلك سيتم الاستناد والتطرق إلى الأبحاث التي صدرت بعد دراسة “بروك” المشار إليها.لن تكون هذه الدراسة مجرد عرض لما جاء في أبحاث سابقة، بل تهدف إلى إعطاء دفع جديد للنقاش الدائر حول مفهوم السلام ودوافعه، أملا بالوصول إلى تكوين اقتراحات جديدة وبناءة في هذا ا